سورة الزمر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


قوله تعالى: {وإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشمأزَّتْ قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: انقبضتْ عن التوحيد، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: استكبرتْ، قاله قتادة. والثالث: نَفَرتْ، قاله أبو عبيدة، والزجاج.
قوله تعالى: {وإِذا ذُكِرَ الذين مِنْ دُونِه} يعني الأصنام {إذا هُمْ يَسْتَبْشِرونَ} يفرحون. وما بعد هذا قد تقدم تفسيره [الأنعام: 14 73] [البقرة: 113] [الرعد: 18] إِلى قوله: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يَحْتَسِبون}. قال السدي: ظَنَّوا أنّ أعمالَهم حسناتٍ، فبدت لهم سيئات. وقال غيره: عَمِلوا أعمالاً ظنُّوا أنَّها تنفعُهم، فلم تنفع مع شِركهم. قال مقاتل: ظهر لهم حين بُعثوا مالم يحتَسِبوا أنَّه نازلٌ بهم؛ فهذا القول يحتمل وجهين:
أحدهما: أنَّهم كانوا يرجون القُرْبَ من الله بعبادة الأصنام، فلمّا عُوقِبوا عليها، بدا لهم ما لم يكونوا يحتَسِبون.
والثاني: أنَّ البعثَ والجزاءَ لم يكن في حسابهم، وروي عن محمد بن المنكدر أنه جَزِع عند الموت وقال: أخشى هذه الآية أن يبدو لي مالا أحتَسِب.
قوله تعالى: {وحاقَ بهم} أي: نزل بهم {ما كانوا به يستهزؤنَ} أي: ما كانوا يُنْكِرونه ويكذِّبون به.


قوله تعالى: {فإذا مَسَّ الإِنسانَ ضُرٌ دعانا} قال مقاتل: هو أبو حذيفة ابن المغيرة، وقد سبق في هذه السورة نظيرها [الزمر: 8] وإنما كنّى عن النِّعمة بقوله: {أُوتيتُه}، لأن المراد بالنِّعمة: الإنعام.
{على عِلْمٍ} عندي، أي: على خيرٍ عَلِمَهُ اللهُ عندي. وقيل: على عِلْمٍ مِنَ الله بأنِّي له أهلٌ، قال الله تعالى: {بل هي} يعني النِّعمة التي أنعم اللهُ عليه بها {فِتْنَةٌ} أي: بلوى يُبْتَلى بها العبدُ لِيَشْكُرَ أو يكفُر، {ولكنَّ أكثرهم لا يَعْلَمونَ} أن ذلك استدراج لهم وامتحان. وقيل: {بل هي} أي: المقالة التي قالها فتنةٌ.
{قد قالها} يعني تلك الكلمة، وهي قوله: {إِنما أُوتيتُة على عِلْمٍ} {الذين مِنَ قَبْلِهم} وفيهم قولان:
أحدهما: أنَّهم الأًمم الماضية، قاله السدي.
والثاني: قارون، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {فما أغنى عنهم} أي: ما دفع عنهم العذاب {ما كانوا يَكْسِبونَ} وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: من الكفر.
والثاني: من عبادة الأصنام.
والثالث: من الأموال.
{فأصابهم سيِّئاتُ ما كسَبوا} أي: جزاءُ سيِّئاتهم، وهو العذاب.
ثم أوعد كُفَّار مكَّة، فقال: {والذين ظَلَموا مِنْ هؤلاء سيُصيبُهم سيِّئاتُ ما كسَبوا وما هم بمُعْجِزينَ} أي: إِنهم لا يُعْجِزونَ الله ولا يَفوتونه.
قال مقاتل: ثم وعظهم لِيَعْلَموا وحدانيتَّه حين مُطِروا بعد سبع سنين، فقال: {أوَلَم يَعْلَموا أنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزق لِمَنْ يشاءُ ويَقْدِرُ إن في ذلك} أي: في بَسْطِ الرِّزق وتقتيره {لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنونَ}.


قوله تعالى: {قُلْ ياعباديَ الذين أَسْرَفوا على أنفُسهم} في سبب نزولها أربعة أقوال:
أحدها: أن ناساً من المشركين كانوا قد قَتَلُوا فأكثَروا، وزَنَوْا فأكثَروا، ثم أتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إِنّ الذي تدعو إِليه لَحَسَنٌ، لو تُخْبِرُنا أنّ لِما عَمِلْنا كفّارةً، فنزلت هذه الآية. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنها نزلت في عَيّاش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونَفَرٍ من المسلمين كانوا قد أسلموا، ثم عُذِّبوا فافتُتِنوا، فكان أصحاب رسول الله يقولون: لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ هؤلاء صَرْفاً ولا عَدْلاً، قومُ تركوا دينهم بعذاب عُذِّبوه! فنزلت هذه الآية، فكتبها عمر إلى عَيّاش والوليد وأولئك النَّفَر، فأسلموا وهاجروا؛ وهذا قول ابن عمر.
والثالث: أنها نزلتْ في وحشي، وهذا القول ذكرناه مشروحاٍ في آخر [الفرقان: 68] عن ابن عباس.
والرابع: أنَّ أهل مكَّةَ قالوا: يزعُم محمدٌ أنَّ مَنْ عَبَدَ الأوثانَ وقَتَلَ النَّفْسَ التي حرَّم اللهُ لم يُغْفَر له، فكيف نُهاجِر ونُسْلِم وقد فَعَلْنا ذلك؟! فنزلت هذه الآية؛ وهذا مرويُّ عن ابن عباس أيضاً.
ومعنى {أَسْرَفوا على أنفسهم} ارتكَبوا الكبائر، والقنوط بمعنى اليأس. {وأَنيبوا} بمعنى ارجِعوا إِلى الله من الشِّرك والذًّنوب، {وأسلِموا له} أي: أخِلصوا له التوحيد. و{تُنْصَرون} بمعنى تُمْنَعون.
{واتَّبِعوا أحسن ما أُنزل إِليكم} قد بيَّنّاه في قوله: {يأخُذوا بأحسنها} [الأعراف: 145].

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10